الحرب العالمية الكبري
لا يصح النظر الي الحربين العالميتين ( الاولي و الثانية ) علي انهما حربان مختلفتين ولا يصح النظر ايضا الي ما يأتي من حروب انها منفصلة عن بعضها البعض وان لكل واحدة منها اسباب منفصلة لكن الصحيح انها حرب واحدة بدأت ثم دخلت في هدنة ثم عادت من جديد لتستكمل ما بدأته , فالحربين العالميتين الاولي و الثانية كان هدفهما الاساسي اعادة تشكيل النظام العالمي , بل و الحرب العالمية الثالثة ايضا سيكون هدفها اعادة تشكيل النظام العالمي فلا تغيير يحدث في العالم لاعادة تشكيله و شكل النظام السياسي و الاقتصادي العالمي و جوسياسيا العالم الا من خلال حرب كبري تقضي علي القوي الكبري الحالية و تعيد هيكلة ميزان القوي في العالم فتاريخ العالم يحكي هذا علي مدار القرون الطويلة , و الحروب و تغيير الانظمة العالمية هي من سنن الدفع التي وجدت بوجود الانسان ,
خريطة القوي الكبري و التحالفات ( العالمية الاولي و الثانية )
فقبل الاولي كانت هناك قوي عالمية كبري متنازعة فيما بينها و تضارب في المصالح كبير و تقاسم سلطات العالم و اقتصادياته و نزاعات متستمرة و تحالفات متشابكة للغاية ادت الي تضارب مصالح كبير و عدم وجود قوة رادعة لحل النزاعات التي كانت تنشأ باستمرار مع تضارب المصالح الاقتصادية و تواجد اكثر من اتجاه اقتصادي في وقت واحد .
فكانت هناك الدولة العثمانية و روسيا القيصرية و انجلترا و فرنسا و المانيا و اليابان و الصين و امريكا, النمسا , المجر ... عدد كبير من القوي الكبري , مصالح متشابكة تحالفات غاية في التشابك و الصعوبة في الفهم فبريطانيا حليفا للدولة العثمانية و الدولة عثمانية عدوة لروسيا و روسيا حليفا لبريطانيا و فرنسا و بريطانيا يحتلون اجزاء واسعة من الدولة العثمانية و تطمع روسيا الحليفة لهما في اجزاء هي الاخر من تركة الرجل المريض و امور غاية في الصعوبة للفهم و الادراك,
كيف نشأت تلك التحالفات و كيف لعدوي ان يكون حليفي و عدو عدوي يكون حليف عدوي فكان لابد من انهاء كل تلك التشابكات و التحالفات بل و القوي الكبري التي تتسبب في اضطراب القرار السياسي و الاقتصادي في العالم و ظهرت القوي الثلاث التي تريد تغيير النظام العالمي القائم ( المانيا , اليابان , امريكا )
بدأت الحرب العالمية الاولي ثم انتهت و انهت الجزء الاول من هيكل النظام العالمي
بسقوط
اما عن الاثار الاقتصادية الناجمة من الجزء الاول
ما بعد الجزء الاول من الحرب ( الهدنة و التقاط الانفاس )
تسبب الجزء الاول من الحرب الكبري ( العالمية الاولي ) في اعادة هيكلة جزئية للنظام العالمي و تغيير جزئي في خريطة التحالفات العالمية و مسار الاقتصاد العالمي , لكن الامور لم تحسم بعد و مازال هنا تقاسم للسطلة العالمية ما بين فرنسا و بريطانيا و امريكا و هناك قوي صاعدة اخري تريد الهيمنة مثل المانيا و اليابان فكان لابد من استكمال الحرب مرة اخري لانهاء تلك الزحمة الشديدة في القوي العالمية و ايضا مازالت الاثارة الاقتصادية الكارثية للجزء الاول لم تحل بعد بل و زادت حدة الازمات الاقتصادية حتي وصلت الي مرحلة ضخمة غير مسبوقة في تاريخ البشرية و حدث الكساد العالمي العظيم في 1929 و الذي اطاح بملايين الوظائف و افقر ملايين الافراد و انهارت معه اقتصاديات العالم فكان لابد من جزء ثاني لاصلاح ما نجم عن الجزء الاول سياسيا و اقتصاديا
وانطلق الجزء الثاني من الحرب و الذي فيه حدث
تدمير المانيا و اليابان تماما
صعود الاتحاد السوفيتي عوضا عن روسيا القيصرية
, اضعاف بريطانيا و فرنسا و خروج الكثير من المستعمرات البريطانية من قبضتها
استبدال فرنسا و انجلترا في الشرق الاوسط ب امريكا مع مناوشات من السوفيت للسيطرة علي بعض الدول الشرق الاوسطية الا انها لم تستمر كثيرا و انتهت تماما في مطلع السبعينات من القرن العشرين
ارتفاع اسهم امريكا والاتحاد السوفيتي لاقتسام السلطة العالمية كبديل لكل القوي السابقة المنتصرة في الحرب الاولي( بريطانيا , فرنسا )
تشكل نواة النظام العالمي ذو القطبين الكبيرين ( امريكا و السوفيت )
تشكيل معسكرين ( الكتلة الشرقية بقيادة السوفيت ( حلف وارسو ) و الكتلة الغربية بقيادة امريكا ( حلف الناتو )
استقرار الامر كذلك حتي مطلع التسعينات ثم سقوط الاتحاد السوفيتي و هيمنة امريكية مطلقة علي النظام العالمي
و من ثم اعادة هيكلة النظام سياسيا و اقتصاديا
سياسيا تفكيك حلف وارسو و انهاءالكتلة الشرقية تماما و تفرد حلف الناتو بالقوة المطلقة عالميا
فرض خريطة التحالفات السياسية و العسكرية و الاقتصادية الموالية لامريكا اما دون ذلك فهو دولة مارقة معادية للنظام العالمي
اقتصاديا : فرض النظام الرأسمالي علي اقتصاد العالم ككل و دحر الاقتصاديات الاشتراكية , سيطرة القطاع الخاص علي السوق العالمي , سيطرة الشركات العابرة للقارات علي اقتصاد العالم و التي مقرها في اغلب الاحيانا امريكا
,
التمهيد للجزء الثالث
مما سبق في الجزئين الاول و الثاني تستنتج عدة نقاط
وجود نظام عالمي قديم يراد تحديثه
صعود قوي جديدة عالمية تريد اقتسام السلطة
فشل و انهيار اقتصادي عالمي يدفع الي حرب كبري لحل المعضلات الاقتصادية
فشل الحكومات الحالية في كل العالم في حل مشاكل الدول الاقتصادية
صعود القوي اليمينة المتطرفة كرد فعل علي فشل الحكومات في قيادة الدول و رغبة منها في انهاء الارتباط بنظام عالمي موحد تري انه السبب الاساسي في ازماتها الاقتصادية و فشل الدول في تجاوزها
... كان هذا هو شرح مبسط و سريع و مختزل جدا لاسباب الحرب العالمية الاولي و الثانية و ايضا التمهيد للثالثة
و في مقال قادم سنتعرض التمهيد للجزء الثالث من الحرب العالمية و هذا في مقال منفصل منعا للممل و اعطاء فرصة في المقال الجديد للاسهاب في التفاصيل لتوضيح الصورة