السبت، 30 أكتوبر 2021

ما بعد سايكس بيكو الاولي

أنظمة سايكس بيكو الأولي في الطريق الي الزوال ،،، تمهيدا لأنظمة جديدة ليست ك سابقتها ،،
 يبدوا أننا قاب قوسين أو أدنى من قرب زوال أنظمة سايكس بيكو الأولي فالمتابع للوضع في الشرق الأوسط تحديدا داخل أروقة الأنظمة التي زرعتها سايكس بيكو يجد أن تلك الأنظمة الوظيفية القديمة بدأت تفقد سيطرتها علي مجريات الأحداث داخل بلادها فضلا عن فقدانها التام لدورها الدولي أو حتي الإقليمي ، قد تستغرب عندما تقرأ تلك الكلمات أن الأنظمة الوظيفية التي زرعتها سايكس بيكو الأولي قد بدأت تفقد سيطرتها داخل البلاد التي تسيطر عليها و قد تزيد دهشتك ايضا و انت تري تلك الأنظمة تحكم بقبضة من حديد تلك الدول و هذه الشعوب ، لكن إذا أعطيت لنفسك مساحة صغيرة من التركيز ستجد أن تلك الأنظمة فعليا تنهار داخليا ، و قريبا ستخرج الأمور عن سيطرتها تماما داخل تلك الدول ليكتمل انفراط عقد سايكس بيكو الأولي ، حتي تقوم سايكس بيكو الثانية و التي هي الان تتشكل داخل ما يسمي بالفوضي الخلاقة و التي بدأ سريان مفعولها بداية من حرب العراق و الكويت , حيث تعتبر هذه الحرب اول خطوة عملية فعلية في الفوضى الخلاقة و كل ما سبقها من خطوات كانت تمهيدية , فالحرب الاهلية في لبنان عام 75 و حرب العراق و ايران ( الخليج الاولي ) في عام 80 كانت الخطوات التمهيدية للإعلان الرسمي و الذي وقع بالفعل في حرب العراق و الكويت , ليبدأ تنفيذ مشروع الفوضى الخلاقة و الذي ستنتج عنه سايكس بيكو الثانية او مشروع برنارد لويس و الذي يهدف في النهاية الي إقامة كيانات جديدة ( ليست دول ) تخرج من رحم الدول القومية التي خرجت من رحم الدولة العثمانية , فالكتلة الكبيرة كانت الدولة العثمانية ثم قامت الحرب العالمية الاولي و التي انهت هذه الكتلة الكبيرة ليتدخل سايكس و بيكو في تقسيم تلك الكتلة الي كيانات قومية جديدة ( كلها أنظمتها وظيفية ) و هي تنقسم الي ثلاث مجموعات 1 -أنظمة ملكية ( السعودية , الأردن , المغرب) 2- أنظمة جهورية عسكرية ( مصر , العراق , سوريا , ليبيا , السودان , الجزائر, اليمن ) 3- أنظمة اسرية عائلية ( الكويت , البحرين , قطر , الامارات , عمان ) و كلها دول قومية تحمل القومية العربية بداخلها او هكذا يبدو , و وضع النظام العالمي( بريطانيا و فرنسا وقت التقسيمة الاولي ) علي راس تلك الدولة أنظمة وظيفية ( وكلاء مستعمر سابق ) أنظمة هدفها الرئيسي هو تأمين احتياجات المحتل السابق ( السياسية , العسكرية و الاقتصادية ) أنظمة لا تهتم بشعوب و لا حتي القومية التي قامت عليها في دعواها الاولي للانفصال عن الدولة العثمانية , بل كل هدفها هو اعلان الولاء التام لموكلها الذي وضعها علي رأس تلك الدول , تحقيق رغباته في الاستيلاء علي خيرات تلك الدول من مواد خام و طاقة و اثار و ثقافة و حتي تاريخ تلك الشعوب و هدف اخر هو إقامة دولة الكيان و تثبت وجودها بقوة السلاح علي رؤوس كافة شعوب المنطقة و هذا ما حدق فعلا و لا نحتاج الي ثرد لتاريخ الكل يحفظه عن قلب ظهر , بداية من التفاوض مع السلطان عبد الحميد بشراء ارض فلسطين مرورا ب وعد بلفور وصولا الي اعلان دولة الكيان و الترحيب الدولي الذي تسابقت عليه دول الغرب لتأييد قيامها ثم تلي ذلك قرار الأمم المتحدة باعتماد تقسيم فلسطين ... , نعود و نقول , انها أنظمة اكبر من خادم او عبد لسيدها الذي وضعها , و استمر الوضع هكذا حتي تبدل السيد بسيد اخر و الذي جاء من اقصي الغرب ليغير مطلباته من تلك الأنظمة فلم يكتفي بما كان يأخذه الذي كان قبله من طاقة و مواد خام ولا تثبيت دولة الكيان بل بعدما استنفذ طاقات تلك الدول و سيطر عليها اقتصاديا و انهكها تماما , بدأ في مشروع تقسيمها الي كيانات صغيرة ( عرقية و طائفية و اثنية ) تارة بالقوة كحالة العراق و تارة باثارة النزعات الطائفية ك لبنان و سوريا و اليمن و اشعال نار الحرب الاهلية و تزويد الأطراف بالسلاح مرة عن طريقه بشكل مباشر و مرة عن طريق انظمته الوظيفية , و تارة بالنزعة العرقية القبلية كليبيا و السودان و تارة بإعادة نظام عسكري شمولي كاد ان يموت و أعاد هو احيائه من جديد ليقوم بدور القوة الضاغطة الداخلية في انهاك ما بقي من تلك الدولة و هذا الشعب ( كحالة مصر ) و تارة بالتدجين الكامل و الهرولة الي اقدام الكيان ( الامارات , البحرين , المغرب , الاردن) و كل ذلك ليس فقط لتثبيت دولة الكيان هذه المرة و انما لجعلها القوة الإقليمية المنفردة الموجودة بالمنطقة امام كيانات عرقية و طائفية و اثنية متحاربة متقاتلة فيما بينها علي نقط ماء او شبر ارض الخ من الأمور التافهة , و لا يبقي الا قوة واحدة فقط هي من تتحكم في كل تلك الكيانات و تخضعها لسلطانها من اجل تحقيق حلم التوراة و التملود الملك المخلص من نسل داوود , الهيكل الثالث , حلم المسيحية البروتستانتية , ارض الموعود , عودة المسيح , الالفية السعيدة , ... كان هذا عرض سريع لما حدث و يحدث و سوف يحدث في قريب المستقبل و للتوضيح احيلك الي الأمثلة التالية , إذا نظرت إلي شرق المنطقة العربية فإنك تجد انه لا يوجد الآن نظام في العراق مثل النظام الذي قام بعد سايكس بيكو ، بل يكاد الأمر أن يصل أنه لا توجد دولة بالأساس مثل التي أنشأها مهندس تقسيم الحدود العربية بيرسي كوكس ، ثم إذا تحركت الي الجنوب قليلا وجدت اليمن و ما وصل الحال بها و الذي ليس افضل من العراق في شيء بل اسوء و اسوء ، ثم تنتقل الي الشمال حيث فلسطين و سوريا و لبنان ( الشام القديم ) فلا تجد سوي مجرد اسم و اذا انتقلت الي الجنوب الغربي حيث السودان ؟!! فلا سودان ولا نظام ثم تصعد في اتجاه المتوسط حيث ليبيا !! فلا ليبيا ثم قليلا الي الغرب حيث تونس !! و انت الان تشاهد ما وصلت له تونس من حيث انهيار النظام القديم ابن سايكس بيكو الأولي مع محاولة إعادة إنتاجه بعد حوالي عقد من سقوطه لكن للاسف لن يتم إعادة تعويمه و ستدخل تونس في حالة الفشل الفوضوي الذي سينهي تماما اي اثر لنظام سايكس بيكو الأولي ، و ليست الجزائر ولا المغرب ببعيد فبايدهم سيصلون الي نفس المصير ، أما الخليج فقصته قصة أخري إذا أن انظمته التي زرعها سايكس بيكو ( أنظمة الأسر الحاكمة ) كانت تقوم فقط علي النفط و كان مصدر قوتها الوحيد في حكم دولها و الان و قد أوشك عهد النفط في الانتهاء بدأت تظهر مشاكل تلك الأنظمة و أغلبها مشاكل اقتصادية بناءا علي بداية انهيار عصر النفط لذا تجد منها من يحاول إحداث تغيرات داخلية في الحكم كما فعلت قطر و استحدثت مجلس الشوري و الذي يعتبر مرحلة جديدة لم تكن من قبل داخل النظام الحاكم فيها أن يكون هناك مشاركة سياسية من خارج الأسرة الحاكمة ، و هذه الامارات و البحرين و هرولة مرعبة ناحية التطبيع مع إسرائيل من أجل ضمان الحماية بعدما أحسوا بقرب رفع الحماية الأمريكية عنهم و هذه السعودية و لن أتحدث كثيرا عنها و عما يجري فيها من صراعات داخل الأسرة الحاكمة منذ تولي الأمير الصغير ولاية العهد و ما قام به من تفتيت كتلة الأسرة و زرع الشقاق بين اروقتها و الانفتاح المجتمعي الداخلي الذي يثير حنق الكثير و الكثير داخل المملكة لكن كلها نار تحت الرماد لم تخرج حتي الآن ، ثم الوضع الاقتصادي السعودي الذي تزاد مديونيات الدولة يوم بعد يوم و يزيد العبء علي كاهل الشعب لترتفع حالات الفقر بنسب لم تكن موجودة سابقا في تاريخ تلك الدولة ، أما مصر و النظام فيها و إن كان يبدوا لك أنه مسيطر علي الأوضاع الداخلية بقوة فانتظر قليلا جدا لتشاهد بنفسك عسكر ٥٢ و هم يأكلون بعضهم البعض و ليس عزل مبارك منك ببعيد للتأكد أن النظام الوظيفي المصري من بعد سايكس بيكو بدأ في آخر مراحل إزاحته ، و انتظر قليلا و سوف تشاهد ذلك بعينك لاني لا اريد الاسهاب في تفاصيل انت تعلمها جيدا لكن اليأس الذي سببه لك النظام من التغيير هو ما يدفعك لطرد افكار انهيار نظام ٥٢ من راسك ، حسنا كان هذا فيما يخص الوضع الداخلي و سيطرة أنظمة سايكس بيكو الأولي علي دولها ، أما فيما يخص القيمة الدولية لتلك الأنظمة و مدي تأثيرها في السياسة الخارجية دولية أو كانت إقليمية فالحقيقة لم يكن لها دور سابق كبير في تلك الأمور بل كانت مجرد تابع لكن ذو شخصية تبدوا أنها صاحبة قرار ، فكانت تتخذ بعض المواقف السياسية المؤثرة الي حد ما منها و أقواها بل و آخرها الموقف من حرب اكتوبر ٧٣ و الذي يعد الأول و الأخير علي المستوي الدولي و الإقليمي الذي اتخذه تلك الأنظمة ، ثم من بعده لا أعرف أن هناك موقف دولي أو إقليمي ذو شان أو تأثير. قد اتخذته تلك الأنظمة في أي قضية علي المستوي السياسي الدولي إقليمي أو عالمي ، بل وصل الأمر إلي تباعية مطلقة ليست حتي كتبعية الكلب لصديقه و إنما أصبحت اسوء من ذلك حتي وصلت إلي تباعية النعاج الي راعيها ولا نحتاج للاسهاب أيضا في هذا ، يكفيك ان تبحث عن موقف واحد رفضت فيه أي دولة من تلك الدول اي قرار أو حتي رفعت عينيها في وجه أسيادها ، عموما ، كان هذا مجرد عرض سريع جدا بدون تفاصيل لفكرة انهيار أنظمة سايكس بيكو الأولي لصالح أنظمة جديدة ، عفوا لكن يكون هناك أنظمة كالمتعارف عليها في السابق و انما انهيار لصالح مجموعات كل مجموعة تحكم قطعة أرض صغيرة في تقسيمة عرقية و اثنية و طائفية ، إلي أن يأتي هذا اليوم ، دعنا نشاهد و نلاحظ انهيار تلك الأنظمة تباعا و بالتدريج و ذلك عن طريق متابعة أحوالها بشكل جيد و دقيق و دعنا ننتظر الفوضى الخلاقة الي اين ستصل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق