الأربعاء، 3 نوفمبر 2021

الميزان

 

إن حركة الحياة الدنيا لها ميزان ثابت و ضعه الله قبل ما يخلق الكون ، فكل شيء في الحياة بميزان ، حركة الشمس و القمر بميزان شديد الدقة ، حركة الرياح ، إنبات الارض بميزان ، حتي حركة الإنسان داخل الكون هي بميزان ايضا ، بما في ذلك حياته و موته ، تنفسه و اكله و شربه حتي العلاقات بين البشر كلها بميزان وضعه الله

 (( وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ . أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ . وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ))
  و هكذا حتي تصل إلي خلق الرجل و المرأة أيضا بميزان ، فطبيعة الرجل الجسمانية و النفسية و العقلية و قدراته تختلف جزئيا عن تلك الأمور في المرأة فالاختلافات بينهم إنما هي بميزان و هذا الميزان من أجل استمرار حياة الإنسان كما وضع الله شكلها ، و خلال الميزان في أي وقت و في اي جزئية منه يؤدي إلى اختلال حركة الكون و ليس الأمر فقط فاختلال ميزان دوران الشمس و القمر حول الأرض يؤدي إلي اختلال كوني رهيب ، و اختلال ميزان الرياح أو إنبات الارض يؤدي إلي اختلال حركة الكون و ليس الأرض فقط و اختلال ميزان حركة البشر يؤدي إلى اختلال حركة الكون و اختلال الميزان بين الرجل والمرأة أيضا يؤدي الي اختلال ميزان الكون كله ، فالكون كلها يعمل داخل منظومة عمل واحدة ، لكل شيء فيها وظيفته و لكل وظيفة طريقة أداء و لكل أداء شكل و اي اختلال في الوظيفة أو حتي طريقة الأداء يؤدي بالضرورة لاختلال المنظومة ككل ، و هذا الاختلال يحدث تدريجياً منذ زمن بعيد و سوف يستمر في الحدوث ما لم ينتبه الإنسان الي ذلك الخلل و يسعي الي إصلاحه ، حيث أن المسؤولية الان تقع كاملة علي عاتق الإنسان في إصلاح الخلل

 (( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ))

 ، إذ أن في الأزمان السابقة كلما كان يحدث خلل ما في حركة الكون ، يتدخل الله في معالجته أما عن طريق معاقبة الذين قاموا بذلك الخلل و تاريخ البشرية ملئ بالقصص التي تدخل الله فيها لإصلاح ما أفسده البشر عن طريق العقوبة مثل أقوام ، عاد و ثمود و لوط .....الخ ، أو يتدخل الله لإعادة الكون كمان كان  و ليس فقط بعقوبة المخالفين المتسببين في الخلل و تخصيصهم فقط بالعقاب و القضاء عليهم ، و إنما كامل الأرض و هذا ما حدث مع نوح عليه السلام حينما اغرق الله الأرض كاملة بعد فسادها العظيم و لم ينجو الا نوح و من معه فقط ، و هذا لإعادة تنظيم حركة الكون و ما أصابه من اختلال ، و يتدخل الله بإرسال رسول برسالة اصلاح شاملة عامة لكافة البشرية و هذا ما حدث بإرسال النبي الكريم محمد صل الله عليه وسلم ، اخر الأنبياء في رسالة من الله شديدة الوضوح أن الإصلاح القادم في الكون لن يكون برسول و رسالة و إنما بامور أخري مما تم اتخاذها في البشرية السابقة التي أفسدت في الأرض و تسببت في خلل كوني كبير ، و هذا عليه اثر بما سيقع من ملاحم كبري و خسف و مسخ الخ ، اي ان التدخل الإلهي القادم سيكون بقوة شديدة لإعادة اصلاح الكون و لكن لفترة وجيزة بعدها ينتهي عمر هذا الكون بقيام القيامة ، و هذا ما أخبرنا به النبي صلى الله عليه وسلم في نهاية الزمان بعد نزول عيسي و بعد القضاء علي الدجال أخطر إفساد سيواجهه الكون و اخيرا القضاء علي يأجوج و مأجوج ثم نزول المطر الذي يغسل الارض كلها و يعيدها مرة أخري كما كانت ثم لنتنتهي الحياة ،  وقد يقول قائل حسنا إذا كان كل هذا سوف يحدث و يتدخل الله في إصلاح الأرض ثم تنتهي الحياة و تنتهي حياة الكون كله ، فلماذا اجهد نفسي و اسعى الي إصلاح الأرض ؟! و الإجابة بسيطة جدا

إذ انك كبشر مخلوق اساسا لعمارة الكون فحياتك و حركتك مأمورة بالاصلاح حتي تحقق الغاية الكبري من وجودك و هي العبادة لله وحده ، و هذا ما دل عليه حديث النبي صلى الله عليه وسلم إذا قامت الساعه و في يد أحدكم فسيلة فليغرسها ، علي الرغم انها لن تفيد أحد فقد قامت الساعة لكن هذا معناه أن الاعمار في الكون واجب علي كل انسان حتي وقت قيام  الساعة

يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ

  لانه مخلوق لهذا و من أجل هذا لا لشيء اخر ، كما خلقت الشمس لتضيء الأرض و تمنحها الحرارة ، فهل قالت الشمس يوما ما و انا مالي ؟! لا بالطبع و لكنها تؤدي دورها كما أمرها الله به ، و هكذا الإنسان لابد له من اداء دوره كما أمره الله به لكن

وَكَانَ الإنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا ) 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق